الوقت.. |
عين الليل يسبح في شواطئها السواد |
والدرب يلبس حولنا ثوب الحداد |
شيخ ينام على الرصيف |
قط وفأر ميت القط يأكل في بقايا الفأر ثم يدور يرقص في عناد |
والشيخ يصرخ جائعا ويصيح: يا رب العباد |
هذا زمان مجاعة و الناس تسقط كالجراد |
العمر |
يا للعمر وقت ضائع |
عام مضى.. عامان.. عشر |
لست أعرف كم مضى.. |
فالعمر في قدم الرياح |
والليل يلتهم الصباح |
والجرح ينزف بالجراح |
* * * |
زمني |
يقول الناس إني جئت في زمن حزين |
وأنا أقول بأنني |
قد جئت في الزمن الخطأ |
ماذا يفيد صوابنا |
إن صارت الدنيا و صارت الناس كالرقم الخطأ؟ |
خطواتنا الحيرى على هذا الطريق |
تردد الأنفاس في أعماقنا |
ونعيش في أوهامنا |
لكننا نحيا مع الزمن الخطأ |
* * * |
عنوان أيامي |
على المظروف أكتب اسم شارعنا القديم |
ما عدت أذكر اسم شارعنا الجديد |
الشارع المسكين صار حكاية.. |
قد غيروه.. وغيروه.. وغيروه |
ما عاد يذكر اسمه |
لكنني ما زلت أعرف اسم شارعنا القديم |
* * * |
أما أنا |
قالوا بأني كنت يوما فارس العشق القديم |
وبأن عمري صار بيتا |
من بيوت العنكبوت |
ولأنني رغم القبور.. ورغم موت الأرض |
أرفض أن أموت |
قالوا بأني فارس ما زال يرفض أن يموت |
اليوم الأول بعد رحيل الشمس |
(2) |
ما زال حبك أمنيات حائرات في دمي |
أشتاق كالأطفال ألهو.. ثم أشعر بالدوار |
وأظل أحلم بالذي قد كان يوما.. |
أحمل الذكرى على صدري شعاعا.. |
كلما أختنق النهار |
والدار يخنقها السكون |
فئران حارتنا تعربد في البيوت |
وسنابل الأحلام في يأس تموت |
نظرت للمرآة في صمت حزين |
العمر يرسم في تراب الوجه أحزان السنين |
أصبحت بعدك كالعوز يردد الكلمات |
يمضغها وينساها.. ويأكلها |
ويدرك أن شيئا لا يقال |
ما عدت أعبأ بالكلام |
فالناس تعرف ما يقال |
كل الذي عندي كلام لا يقال |
اليوم الأول بعد المئة لرحيل الشمس |
(3) |
ولدي يسألني: لماذا أنت يا أبتي حزين.. |
لم تبتسم من ألف عام |
أترى تخاف.. |
الوحش يا أبتاه في النهر الكبير |
قالوا بأن الوحش قد أكل الطيور |
ما زال يأكل في الزهور |
الوحش يأكلنا ويشرب عمرنا |
ويدور في كل الشوارع يخنق الأطفال يعبث بالقبور |
الوحش يشرب كل ماء النهر ثم يبول في النهر العجوز |
ويعود يشرب من جديد |
والنهر بئر من دموع الناس |
النهر جرح غائر الأعماق |
تنبت في جوانحه الجراح |
والوحش يسكر بالجراح |
* * * |
أشتاق عطرك كلما عادت مع الليل الهموم |
ولدي يقول بأنني |
لم أبتسم من ألف عام |
قلبي وحزن النهر والأيتام في برد الطريق |
حزني عنيد لا ينام |
اليوم الأول بعد الألف لرحيل الشمس |
(4) |
في الدرب رائحة ومنديلي قديم |
تتسلل الأحزان بين جوانحي |
تتزاحم الرعشات بين أصابعي.. |
قد مات عصفوري الصغير |
قد ظل يصرخ في عيون الناس يلتمس النجاة.. |
سقط الصغير على جناح الدار وانسابت دماه |
الريش يعبث في عيوني مثل غيمات الشتاء |
ويطير بين جوانحي شبح الدماء |
ويصيح في صدري البكاء |
عصفورنا في الدرب مات |
* * * |
يمضي علينا العمر.. والحلم الجميل |
ما زال في صمت يقاوم كل أحزان الرحيل |
اليوم الأول بعد.. لرحيل الشمس |
(5) |
أصبحت لا ألقاك صرت سحابة |
عبرت على عمري كما يهفو النسيم |
ورجعت للحزن الطويل |
ما زلت ألمح بعض عطرك بين أطياف الأصيل |
يمضي الزمان بعمرنا |
الخوف يسخر بالقلوب |
واليأس يسخر بالمنى |
والناس تسخر بالنصيب |
عصفورنا قد مات |
من قال إن العمر يحسب بالسنين |
* * * |
الليل لم يرحم رحيل الزيت من قنديلنا |
أخفى شعاعا كان يحمله القمر |
والشمعة الثكلى تساقط ضوءها |
ثم انزوت تبكي على صدر الظلام |
وأنا أحدق.. كل شيء صار بعدك صامتا |
الليل والقمر الذبيح |
الشمعة الحيرى ومزماري الجريح |
من يأخذ الأيام والعمر الطويل |
لتعود شمس مدينتي |
يا شمس.. فارسك القديم.. |
مازال يبكي عمره بعد الرحيل |